•  

    حين يوصف الانتهازي بالمناضل..عياض بن عاشور مثالا 

    الماضي الأسود للمناضل عياض بن عاشور:
    ========================== ========
    1- حدوث انقلاب 7 نوفمبر فيعين مباشرة المناضل القدير عياض بن عاشور رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي سنة 1987.
    2- يعين بعد ذلك الرفيق الثوري عياض عضوا بالمجلس الدستوري الذي تكفل بالحد من سلطات الوزير الاول ونقلها الى الرئيس مع إضعاف السلطة القضائية. هذ التعيين دام أربع سنوات من 1988 إلى سنة 1992. وفي نهاية تكليفه أوحى السيد عياض إلى أصدقائه الفرنسيين والأوروبيين والتونسيين بأنه استقال في حين لم ينشر خبر الاستقالة أبدا أبدا ولم يكتب أي رسالة في ذلك.
    3- يتم توسيم السيد عياض بن عاشور من طرف المخلوع الصنف الأول من وسام الجمهورية في حفل بقصر قرطاج يوم 25 جويلية سنة 1990.
    4- اليوم يقول السيد بن عاشور بانه ناضل ضد المخلوع واكبر انجاز قام به هو استقالته من المجلس الدستوري عام 1992 والحال ان فترة عضويته انتهت بعد اربع سنوات قضاها بالمجلس وفي ذلك استبلاه للشعب واكتساب لبطولة وعنترية زائفة.

    - يعين السيد بن عاشور عميدا لكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية من 1993 الى 1999. سؤال اذا كان بن عاشور استقال حقا من المجلس الدستوري سنة 1992 احتجاجا على الدكتاتورية هل كان من الممكن ان يوافق المخلوع وجهاز امنه السياسي عبر محمد علي القنزوعي على تعيين بن عاشور عميدا على اهم كلية لتخريج قيادات العمل السياسي والحقوقي؟
    6- بداية من سنة 2000 يعمل السيد عياض بن عاشور بالتنسيق مع شقيقه رافع بن عاشور وشقيقيته سناء بن عاشور وزهير المظفر ولزهر بوعوني واخرين على تاسيس الاكاديمية الدولية للقانون الدستوري بتونس. تمنح هذه المؤسسة تمويلات ضخمة لعل الثورة كشفت عن بعضها اذ كان عبد العزيز بن ضياء يجبر كبار رجال اعمال السلطة على التبرع بحصص مالية هائلة يتم انفاقها في استضافة كبار رجال القانون في العالم سنويا وفي تنظيم مؤتمرات وفي اقامة الضيوف بافخم الفنادق وطباعة الكتب الفاخرة والمجلات المختصة كل ذلك لتزييف حقيقة الوضع السيء في تونس وتزيين السياسة القمعية للمخلوع.
    7- خلال العودة المدرسية لسنة 2001 يتم تعيين شقيقه كاتب دولة للتربية بعد ان كان رئيسا لاحدى الجامعات العمومية
    8- يتولى خلال سنة 2001 الاشراف على تطوير اعمال وبحوث بمركز الدراسات صلب الجمعية التونسية للقانون الدستوري هدفها تمهيد السبيل امام تنقيحات اواصلاحات دستورية ضخمة.
    9- نفاجأ سنة 2002 بحملة اعلامية شعواء لتسويق بعض الاجتهادات القانونية التي كتبها اعضاء وزملاء لعياض بن عاشور في جمعية القانون الدستوري من امثال سليم اللغماني وفرحات حرشاني وزهير مظفر. بدات تلك الحملة بتمجيد فكرة الغرفتين أي مجلس النواب والمستشارين وانتهت بتغييرات كارثية تمثلت في حذف شرط عدد الدورات الانتخابية للرئيس ومنحه الحصانة التامة.

    - من 2003 الى 2009 يتم منح عياض بن عاشور امتياز القاء الدرس الاول في كلية الحقوق وهو امتياز لا يمنح لمعارضين ابدا
    11- يشارك اثناء ذلك بن عاشور في كل المؤتمرات القانونية الفرنسية والاوروربية اذ هو عضو نشيط بمعهد القانون الدولي بستراسبورغ و بـ 5 جمعيات ومنظمات قانونية ودستورية تعقد مؤتمراتها سنويا ويلقي مناضلنا محاضراته هناك بكل حرية ويعود الى وطنه في كل مرة فرحا مسرورا دون مضايقة احد
    12- لم ينطق السيد بن عاشور ولو بنصف كلمة ضد بن علي طوال 23 سنة ولم يتعرض مرة واحدة الى استجواب الامن ولم يدخل زنزانة ولم ير جلادا واحدا ولم تصادر كتبه ولم تمنع دراساته ولم تتم مضايقته في السفر والخروج والتنقل ولم يتم تعطيل مسيرته الاكاديمية اذ نال كل الترقيات الممكنة في اسرع وقت ولم يتم منعه من القاء المحاضرات ومن حضور المهرجانات والمؤتمرات والندوات وكانت الدولة تتولى في كثير من الاحيان طبع دراساته وكتاباته القانونية.
    13- يحضر السيد عياض كل مؤتمرات الاكاديمية الدولية للقانون الدستوري التي تتولى الترويج لسياسة بن علي ولامجاد صانع التغيير وللفردوس الدستوري التي نعيش فيه و لدولة القانون والمؤسسات دون ان يحرك السيد الوقور شفتيه للتنديد بالمغالطات بل كان يجلس مع الضيوف للتفاخر بالتجربة التونسية في القضاء على الاصولية.

    الجزء 3: الركوب على الثورة والتآمرالجهري و الخفي
    14- يقترح المخلوع قبل رحيله انشاء ثلاث لجان للإصلاح منها لجنة الإصلاح السياسي. وبعد رحيله يتم تعيين عياض بن عاشور رئيسا للجنة الإصلاح السياسي من قبل محمد الغنوشي.
    15- يصدر يوم 5 فيفري تقرير لمنظمة ايفاس الامريكية التي قدمت إلى تونس يوم 19 جانفي تحث فيه الحكومة الامريكية على ضرورة ان تؤسس الحكومة الانتقالية التونسية لجنة مستقلة لصياغة قانون انتخابي جديد واقترحت هذه المنظمة الأمريكية المشبوهة بالاسم عياض بن عاشور لترؤس تلك اللجنة
    16- يتولى السيد الباجي قائد السبسي الوزارة الاولى في 28 فيفري فيعلن عن ولادة الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة ويعين بن عاشور رئيسا لها مكلفا باقتراح قانون انتخابي جديد كما طلبت ايفاس بالضبط.

    17- يتم اختيار بن عاشور رغم أن أساتذة تونسيين كبارا موجودين على الساحة الأكاديمية الحقوقية وأصحاب كتب في الاختصاص. والمعروف أن أشهر كتابات بن عاشور إنما تتناول البعد الديني ومسالة العلمانية ونقد التجربة الإسلامية والعقل النقلي في فترة الوحي وإنشاء الدولة الإسلامية الأولى والمدونة الاجتهادية والقانونية التقليدية. و لا يخفي السيد عياض عقيدته الراسخة باولوية علمانية الدولة على ديمقراطيتها أي حماية العلمانية في نظره مقدمة على حماية الديمقراطية او تحقيقها. فإذا تحدث عرضا على الخيار الديمقراطي او على الديمقراطية بصفة عامة فهو يقصد الديمقراطية في اطار لائكي فقط. فإذا كنّا أمام خيارين وجود دكتاتورية تحقق العلمانية او ديمقراطية تسمع بوصول لاعلمانيين فان بن عاشور يفضل الحل الأول حتى ولو انجر عنه قتل العشرات وسجن الالاف وتعذيب المئات وهو ما يفسر تشجيعه لسياسة الاستئصال التي اتبعها المخلوع ضد الاتجاه الاسلامي بداية التسعينات وصمته المطبق عن اعتقال المرزوقي والحقوقين في تلك الفترة الرهيبة.
    18- يتم تعيين السيد رافع بن عاشور شقيق عياض وزير دولة لدى الباجي قائد السبسي مكلفا بالاصلاح السياسي حيث تم التنسيق بين الشقيقين في اختيار قائمة اعضاء الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة في الوسط الاكاديمي إذ ذهلنا من وجود ذلك الكم الهائل من وجوه صديقة لرافع وعياض من اتباع حزب التجديد بل وصل بهما الامر الى توجيه الدعوة الى أستاذين زارا اسرائيل وآخرين مرتبطين بالأوساط التجمعية وفئة ثالثة منخرطة في منظمات أمريكية وأوروبية مشبوهة. ولا ننس ابدا ان السيد رافع بن عاشور شغل منصب كاتب دولة في عهد المخلوع ولديه علاقات قوية مع عدة وجوه تجمعية نافذة وكان يشرف في لجان التنسيق بالولايات على اجتماعات حزبية بالجهات..

     

    اثناء اقتراح الهيئة العليا حول المدة المعنية بحرمان التجمعيين كان الاختيار في البداية على 20 سنة فاذا بالسيد رافع يوصي الباجي بالتخفيض الى 10 سنوات لتمكين اصدقائه من الترشح. بعد اندلاع موجة الغضب من الفخ الذي وقع فيه أعضاء الهيئة بتنقيح الفصل 15 دون الرجوع اليهم يتولى عياض تنويم أعضاء الهيئة ويلتقي بالباجي ويعلن للعموم انه تم حذف التنصيص على المدة وابقاء شرط المشاركة في الهياكل السياسية للتجمع وما تلك الا حيلة للسماح لكل الكوادر الاكاديمية التجمعية واليسارية المتدسترة من الترشح في الانتخابات.
      باقتراح من رافع وعياض والباجي يتم الاتفاق على ان تبقى قائمة الممنوعين سرية.
    20- تم استدعاء كل أصدقاء رافع وعياض للمشاركة في لجان الخبراء وهم أعضاء غير معلن عنهم في الهيئة العليا لديهم اكبر تأثير على مجريات الأمور لأنهم يقدمون كل مسودات القوانين التي يتم المصادقة عليها لاحقا وهو اخطر عمل اذ ترتب عليه اقرار مبدا النسبية مع اكبر البقايا وهو مبدا شاذ لا وجود له اطلاقا يهدف فقط الى حرمان الفائز من مقاعد تناسب عدد الاصوات التي نالها كما ترتب عليه اقرار مشروع الدوائر الانتخابية وشروط الترشح للجان الجهوية للانتخابات وقانون الاحزاب والجمعيات.
    21- يتم التنسيق بين عياض والجندوبي وقوى التجديد من الفرنكوعلمانيين واليساريين وبقايا التجمع على تاخير الانتخابات وعلى تشتيت اهتمام الهيئة العليا بمواضيع مسقطة كالعهد الجمهوري لتاخير ثان او الغاء الاستحقاق الانتخابي جملة واحدة.
    22- السيد عياض يلتقي بفرانسوا هولاند زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي وبسفير فرنسا ورئيس منظمة كونراد اديناور الالمانية المشبوهة وبخبراء ايفاس المتورطة مع السي أي أي وبمبعوث الاتحاد الاوروربي ولا يكلف نفسه عناء الاتصال بمن انسحبوا من الهيئة من الشرفاء كرئيس جمعية القضاة والسيدة كنو والسيد احميدة النيفر وكانه يريد
    اقصاءهم منها ليخلو لو الجو مع جوقته القانونجية المتحالفة تاريخيا مع المخلوع بداية التسعينات

    23- اثناء مناقشة وثيقة العهد الجمهوري لاول مرة منذ حوالي شهرين وقبل ان تحدث كل الضجة الحالية تقدم احد الاعضاء باقتراح اضافة فقرة حول الصراع العربي الصهيوني وإذا بالاستاذ بن عاشور يطلب من صاحب الاقتراح عدم الخوض في مسائل ليس لها علاقة بالوضع التونسي ثم رجاه عدم إثارة الموضوع اعلاميا. الان تاكدنا من كل ذلك بعد ان صرح اكاديميون وزملاء لبن عاشور بانه ليست لهم اي مشكلة مع اسرائيل وبان الصراع هو فلسطيني اسرائيلي فقط. لا ننس ابدا انّ بن عاشور استمات في عدم ذكر مناهضة التطبيع مع اسرائيل في الوثيقة وذلك نظرا لعلاقة الاطراف الاوروربية التي يتعامل معها مع اسرائيل واللوبي اليهودي. سؤال لبن عاشور: هل سبق لك استاذي العزيز وبعد مسيرة اربعين سنة من النضال الجمعياتي والحقوقي والسياسي والثوريوالعلمي والاكاديمي ان نطقت مرة واحدة بكلمة اسرائيل داخليا وخارجيا او انك نددت بالعدوان على غزة وعلى القدس الشريف؟ وهل تجرات يوما واحدا على الخوض في الجوانب القانونية لما يسمى عن محرقة الهولوكوست وهل تناولت يوما الاطار التشريعي والقضائي لمحكمة النازيين بعد الحرب العالمية الثانية؟ كيف يجد اوروربيون الشجاعة والجراة لبحث كل تلك الامور ولا تجدها سيادتك الا في الهجوم على ايات القران والمدوّنة الحديثية والفكر الاسلامي؟

    Partager via Gmail Delicious Technorati Yahoo! Google Bookmarks Pin It

    votre commentaire
  • الفة يوسف ، انثى تعشق الدم والجماجم.. وتكره الوطن

    الــشّـاهــد

    دوّنت الدكتورة الفة يوسف العبارات التالية على صفحتها في موقع فيسبوك

    ف"" فـي بعض سنوات ونيف، ينتخب المصريون للمرة الثانية رئيساً في حين نعاني “طرطورا” انتخبه بعض آلاف، وننتظر انتخابات الله تعالى وحده يعلم متى تتوفر ظروف إنجازها، ونشاهد صراعا على الرئاسة يبيع فيه بعض المترشحين أنفسهم وبلادهم من أجل تحالفات مشبوهة "" .ه

       *انثى شاذة عن عالم الانوثة -ه

    يصعب التوصل او حتى مجرد تصور المنابع الفكرية التي ترشح بهذا المنطق وينبع منها هذا الفكر وتنز منها هكذا عقلية ، وان تكن الحقيقة ثابتة واقعة ، فانه ليس من السهل على الانسان ان يعايش ويتعايش مع هذه الكمية من الحقد المدفون داخل قفص صدري انثوي ، لانه عادة ما تكون التجاذبات الفكرية الحادة وحتى المتفلتة تدور حول المنهجية والفعل والأسلوب والخيارات ، ولا تكون حول الدماء والجماجم والاشلاء والحرق والتجريف ..وليس ابدا حول خياري الحرية والعبودية ، مهما كانت نكسات الأولى ، ومهما شُحنت الثانية بالمساحيق .ه

    شاذة عن عالم الانوثة الفة يوسف، انثى تعشق الدم والجماجم.. وتكره الوطن

    كنت انتقد السيدة الفة يوسف وفي أحيان اتهجم على كتاباتها وانوشها بقلمي لانها في الأخير شخصية عامة قررت ان تضع نفسها تحت ذمة مداولات الشأن العام وارتضت من خلال كتاباتها ونشاطها وبحكم وموقعها ان تكون عرضة للعدسات وحالة متدفقة بين الخبر والقلم ، لكن هذه المرة اصبح النقد مسكنات فاقدة للنجاعة وحالة متاخرة تجاوزها الاستفحال المتقدم .ه

    ففي منطق الدكتورة الفة اصبحت ثورة تونس التي يسعى كل تونسي الى توريث محاسنها و سبقها للأجيال القادمة وان ويدفعها بدمه واعصابه لتاخذ مكانها في صفحات التاريخ الزاهية ، اصبحت هذه الثورة وفي نظر انثى تونسية مهزلة ونكسة ، وغدت الشمولية ودولة البوليس واللاقانون افضل من دولة الثورة والحرية والكرامة “وان شابها الدخل “.ه

    شاذة عن عالم الانوثة الفة يوسف، انثى تعشق الدم والجماجم.. وتكره الوطن

    ان يعاني الدكتور الحقوقي المدني الذي انتخبه مجلس الشعب من التونسة ، وتصبح تونس عقدة تلاحق أبنائها ، ويحجر عليهم التفوق وصنع الإضافة الحضارية ، ويصبح العسكري الدموي الانقلابي العائم في الدم ، نموذجا لانثى تونسية ، فهذا من الأمور التي تتجاوز الفجيعة الى ما فوق طبقات المصيبة الداكنة ، لأن الانوثة الناعمة تتلائم لا محالة مع الحزم والنضال والقوة والحق والشجاعة ..لكن انوثة منتصبة بسيقانها الجميلة في وسط الدم المتجمد والجماجم المثقوبة ، وتجول بنفحات رقتها بين صراخ الصبايا والشباب وهم يحرقون في ساحات السلم..انوثة بهذا الشكل ، هي انوثة ميكانيكية تهضم ضحاياها في ثواني وتبتلع الموت بلهفة ، ثم وبمجرد زر في لوحة المفاتيح المثبتة خلف الحمالة الصدرية تطلق ابتسامة معلبة تختفي خلفها كثبان الحقد المشحون والجاهز للانطلاق في كل حين

    كـاتب المقال = نصرالدين السويلمي

    http://ekladata.com/CkaOqEWXZx_7NfOkKUjl_vG_vy0.jpg

    Partager via Gmail Delicious Technorati Yahoo! Google Bookmarks Pin It

    1 commentaire
  • لا تحتفظ ذاكرة التونسيين قبل الثورة بنشاط يذكر لأسبار (قياس) اتجاهات الرأي العام، ما عدا الاستشارة الوطنية للشباب التي نخرها التوظيف السياسي والتحايل العلمي على صياغتها ونتائجها، حتى إذا قامت الثورة، فتحت الباب على مصراعيه لشتى أنواع سبر الآراء. أنشئت مئات المكاتب الوطنية والدولية ضمن شبكات من العلاقات المركبة والمعقدة بين ثلاث دوائر مفصلية: أصحاب رؤوس المال ومالكي المؤسسات الإعلامية والقيادات السياسية، في غياب شبه كلي للمجتمع العلمي الذي يفترض أن يضع، إلى جانب التشريعات، أرضية علمية، وقاعدة أخلاقية للممارسة السبرية (عملية قياس الرأي العام).
    بعد انتخابات 23 أكتوبر/تشرين أول 2011، دأبت بعض هذه المؤسسات في تونس على نشر نتائج سبر الآراء دورياً، فيما يشبع إيجاد تقاليد للحاجة وتوليد الانتظارات ضمن صيغة الإشهار التجاري، خصوصاً وأن أشهر مؤسسة حالية في هذا المجال كانت قبل الثورة مختصة في التسويق التجاري لمؤسساتٍ كانت في فلك العائلة الحاكمة.ه

     

     جل ما تنشره هذه المؤسسة، وغيرها، من نتائج، تفيد بأن حزبين سيتصدران المشهد السياسي في تونس بعد الانتخابات المقبلة: أحدهما تولى الحكم وآخر يقدم نفسه بديلاً عنه، جمع دستوريين (من حزب التجمع الدستوري المحل، والحاكم سابقاً) ويساريين ونقابيين ومستقلين في خلطة سياسية غريبة. وتفيد الاستطلاعات نفسها بأن رئيس هذا الحزب يتقدم المترشحين المفترضين للرئاسة، وبفارق كبير على منافسيه. وبقطع النظر عن التسليم العلمي والأخلاقي بهذا، فإن النتيجة الحاصلة في مستوى التلقي خطيرة على جميع المستويات: تقسيم الأحزاب إلى كبيرة وأخرى صغيرة، والقيام بغربلة قبْلية للمترشحين وإنتاج رئيس قبل الأوان.
    " تفيد استطلاعات بأن رئيس حزب نداء تونس يتقدم المترشحين المفترضين للرئاسة، وبفارق كبير على منافسيه. وبقطع النظر عن التسليم العلمي والأخلاقي بهذا، فالنتيجة الحاصلة في مستوى التلقي خطيرة على جميع المستويات: تقسيم الأحزاب إلى كبيرة وصغيرة، وغربلة قبْلية للمترشحين وإنتاج رئيس قبل الأوان"
    استناداً إلى ما سبق، لا يمكن أن نحصر سبر الآراء في وظيفة القياس، أو تقديم تشخيص للواقع السياسي، بل علينا أن نستحضر وظائف التوقع، والكشف عن النيات الانتخابية، وترتيب القوى السياسية والشخصيات المترشحة.ه

     

      كان سبر الآراء يهدف إلى معرفة الآراء، وتوقع مختلف أنماط السلوك والمواقف والنيات، بما فيها النيات الانتخابية، ثم تعززت تلك الوظائف بأخرى جديدة. فمنذ عقود ثلاثة، تعددت أدوار استطلاعات الرأي، وأصبحت أخطر مما نتصور. إنها تصنع المترشحين أصلاً، وتجلب إليهم الأصوات وتوصلهم، إلى حد ما، إلى تلك المواقع. يعتبر بعضهم ذلك من انحرافات الديمقراطيات العريقة التي أبلاها المال والإعلام. والأكيد أن الخطر يتضاعف في ظل الانتقال الديمقراطي الذي مازال فيه الإعلام والمال مرتهنين إلى الدولة العميقة المتوثبة. ولافت للنظر أن القنوات والصحف التي ساندت الثورة في تونس، ورافقت، إلى حد كبير، سنوات النضال الديمقراطي الطويل، على قلتها، قد اختفت. وظلت بارونات البروباغندا (الدعاية) لنظام زين العابدين بن علي ثابتة، تناكف الثورة، وتحتضن رموز الثورة المضادة.
    يعسر أن تنجو تلك الأسبار والاستطلاعات من الأدوتة (اعتبارها أداة توظف في أهداف غير معلنة)، والخضوع لنفوذ قوى ودوائر مالية وسياسية، في عملية إيجاد استهلاك مادة سياسية وإعلامية جديدة، فتتحول نتائج الأسبار إلى توجيهٍ ناعم للخيارات السياسية، في "تشريط" يدب في الجسم الاجتماعي، على شاكلة خدر مستحب.ه

    لا يمكن تحت هذه الممارسات الإعلامية وآليات الإعادة إلا أن تخلق الأسبار غرابيل تفرز بها وتنتقي الأحزاب والقيادات، حيث ترتب الأسماء، وتضعها تحت الأضواء، أنها لا تشير إليها، بل تشهرها. وبهذا، ستضع عمليات سبر الآراء يدها الطويلة على الانتخابات المقبلة في تونس، وتطوعها بقدر ما يضخ المال والنفوذ ودوائر القرار من إمكانات في ساحة سياسية مفتوحة، حتى على أركان النظام السابق.
    الفائزون في السباقات الانتخابية في البلدان الديمقراطية تفرزهم عوامل عديدة، منها: البرامج الانتخابية والنظام الانتخابي وطبيعة النخب السياسية وجسم الناخبين ووسائل الإعلام، ولكن، يتعاظم حالياً دور مكاتب الخبرة وسبر الآراء. وكم من مرة وجهت أصابع الاتهام إلى تلك المؤسسات التي سلبت الناخب إرادته.ه

    تساهم تلك الأسبار في تعديل قوانين العرض والطلب الانتخابي في سوقٍ، ترتفع فيه الأسهم وتتراجع بشكل متوتر. الميكانيزمات النفسية الواعية، أو الواعية التي تحرك الانتباه وتوجهه، من خلال عملية التسابق والتلاحق المشوقة التي تبدأ، ولمسافات طويلة، بين خيلٍ جامحة، تصيب الجميع بأشد أنواع الضغط خطورة. فعمليات سبر الآراء تطيل السباق الانتخابي، وتجعله ماراثوناً لا يتوقف أبداً. وما الحملة الانتخابية الرسمية إلا تصفيات نهائية، تكاد النتائج فيها تكون معلومة مسبقاً.
    خلال تلك المسافات الطويلة من السباق، تمنح عمليات السبر إمكانية تعديل الصورة، فهي تدل على مواطن الخلل، لكنها من دون أن تشير إلى كيفية التدارك، تدفع الخاسرين مؤقتاً إلى البحث عن وصفات النجاح، من خلال الاستعانة بخبراء الانتخابات، وذلك ما يؤكد دور فاعلي السوق الانتخابي و"تضامنهم المهني" (مؤسسات سبر الآراء تحيل إلى خبراء التقنيات والتواصل الانتخابي، والعكس صحيح).ه

    يقدم حزب نداء تونس نفسه، مثلاً، على لسان قياداته، أنه القوة الانتخابية الأولى في أفق الانتخابات المقبلة، وما كان ذلك متاحاً لولا نتائج سبر الآراء، كما أشرنا سابقاً. هفالصناعات السبرية التي تعاضد الصناعة الإعلامية، في صنع القيادات الحزبية، وقيادات الدولة غدت المحدد المهم في ذلك السباق الطويل المشوق.ه
     لم يخف عالم الاجتماع الفرنسي، بيار بورديو، تبرمه من عمليات سبر الآراء بشكل قاطع، معتبراً أنها تفرض فرضاً أولوياتها، فهي تصنع "رأيا عاماً" وديعاً، فتسحب منه أبعاده الصراعية المتوترة، وتقدمه على أساس خريطة ملساء ومصقولة.
    آنذاك، لن يكون الرأي العام، كما تعكسه عمليات سبر الآراء، نصاً معبراً عن الإرادة الجماعية، ولا خريطة للتطلعات الجماعية، بل أداة لتجديد هندسات الضبط السياسي. ومكاتب وشركات سبر الآراء ستكون (مصانع) سرية للرأي العام في تونس، خصوصاً وأن الدولة العميقة ورموز النظام السابق أملوا قواعد جديدة للألعاب السياسية القادمة

    و بـدأت المعركة بصناعة الرأي العام في تونس قبل الانتخابات

    لقراءة المقال من المصدر = إضغط هنا

    المهدي مبروكالمقال بقلم الاستاذ / المهدي مبروك
    وزير الثقافة التونسي عامي 2012 و2013. مواليد 1963. أستاذ جامعي، ألف كتباً، ونشر مقالات بالعربية والفرنسية. ناشط سياسي ونقابي وحقوقي. كان عضواً في الهيئة العليا لتحقيق أَهداف الثورة والعدالة الانتقالية والانتقال الديموقراطي

     

    Partager via Gmail Delicious Technorati Yahoo! Google Bookmarks Pin It

    votre commentaire


    Suivre le flux RSS des articles de cette rubrique
    Suivre le flux RSS des commentaires de cette rubrique