-
ليتهم كلهم يفعلون ذلك / سامي براهم رفض الحضور لاحتفال سفارة فرنسا بالعيد الوطني الفرنسي
دعوة مرفوضة ...
لست شخصيّة عامّة و لا أدري سبب دعوتي للعيد الوطني الفرنسي ...
و رغم إعجابي منذ حياتي التلمذيّة و الطّالبيّة بالثقافة الفرنسيّة و آدابها و فنونها و بفلاسفة التنوير ... و إيديت بياف و جورج براسانس و جاك برال و العظيم ليو فاري ... و لكنّني أرفض هذه الدّعوة لاسباب عديدة ... منها أنّ فرنسا لا تزال تتحفّظ على أرشيف الفترة الاستعماريّة لطمس جرائمها في تونس ... و منها أنّ فرنسا الثورة... تنكّرت منذ زمن لقيم ثورتها و دعمت اعتى الدكتاتوريات في العالم ... دعمت المخلوع لآخر رمق في حكمه الاستبدادي و قدّمت له كلّ الدّعم اللوجستي و المادّي لقمع الثّورة التّونسيّة الوليدة ... و منذ ايّام لم يتورّع رئيسها عن دعم و مساندة القوات الصهيونيّة الغاشمة في قصفها التدميري لأهلنا في غزّة ... و من بينها كذلك أنّها في الدّعوة الرّمضانيّة للسنة الفارطة اثناء استضافتها للتونسيين في مقرّ إقامة السّفير لم تحترم مشاعر المسلمين في الشّهر الفضيل و وضعت الخمور على طاولات الضيافة استهتارا بمشاعرهم ...
نحن نميّز جيّدا بين فرنسا الأنوار و فرنسا الاستعمار و الهيمنة و نقول لاصحاب الدّعوة بصوت الرّائعة بياف :
NON RIEN DE RIEN
NON JE NE REGRETTE RIENكرامة وطنيّة ...
و أنا أعلن رفضي دعوة السفارة الفرنسيّة لمواكبة فعاليات إحياء العيد الوطني الفرنسي كان قصدي أن لا يكون ردّ الدّعوة صامتا سلبيّا مقابل ما أعلن عنه الرئيس الفرنسي من مواقف لامسؤولة و مخزية تجاه العدوان الصهيوني الدّموي الغاشم على أهلنا في غزّة ... و الانحياز الكلي السّافر للاعلام الفرنسي لصالح جيش الاحتلال ... دار في ذهني أن لا معنى للاحتفال بثورة تنتهك قيمها من طرف ورثتها و القائمين على الاحتفال بها ... اعتبرت أنّ حضوري سيكون متناقضا مع مبادئ تلك الثورة نفسها التي اعلت من قيم الحريّة و الحقوق و المساواة و الاخوّة الإنسانيّة ... خاصّة و أنّني مجرّد باحث جامعي و لست ممّن ينتظر منهم القيام بادوار سياسيّة تقتضي ربّما حدّا من السلوك البارجماتي و التنازلات و المناورة و المداورة و عدم قطع حبل الودّ مع ايّ طرف مؤثّر في المنطقة ... و يشهد الله انّه لم يدر بخلدي البتّة أن أستدرّ مواقف الإعجاب و الثناء و الشّكر ... لكن تلك المواقف المشيدة و المثمّنة لرفض الدّعوة تكشف أنّ شعبنا المجروح في كرامته الوطنيّة يحتاج مواقف نخوة و رجولة تعزّز إحساسه بالانتماء و الاعتزاز بالذّات ... و يحزنه تنامي دور السفارات الاجنبيّة في الشّأن الوطني بفعل الانقسام و التنازع بين مكوّنات الطبقة السياسيّة ...
ممّا يعني أنّ السياسة مهما اقتضت من براجماتيّة و واقعيّة فعليها أن تحترم مشاعر الشعوب و كرامتهم الوطنيّة ...
إذا كان السياسيّون مضطرّين أحيانا لسلوك البراجماتيّة فليبق اهل الثقافة و الفكر و الآداب و الفنون حرّاسا للقيم و المبادئ شهداء على العصر منحازين لكرامة شعوبهم و أوطانهم« أنت لا تصلح للإمامة كلمة الى كل إمام جمعة اليوم لم يعرّج في خطبته و لو بكلمة عمّا يحدث في غزّة بعد أكاذيب سبر الآراء, الباجي قائد روحـو سَـــفَّــاح السِّـتـينات , هل فقد الأمل في قصر قرطاج »
-
Commentaires