الصراع أزلي وتاريخي بين الزبد وبين ما ينفع الناس، بين خوار عجل السامري وألواح موسى، بين سحرة استوهموا عيون الناس وعقولهم وعصى موسى التي يهشّ بها على غنمه وله فيها مآرب أخرى، هكذا نقرأ القرآن الكريم ونفهم الصراع بين الشر والخير بين الحق والباطل بين المستضعفين والمستكبرين، بين فرعون الذي قال أنا ربّكم الأعلى ولا أريكم إلاّ ما أرى وهامان وبطانة السوء الفرعونية والسحرة من جهة، وموسى وهارون وآسيا بنتمزاحم وماشطة زوجة فرعون في الجهة المقابلة.

 مقاومة الهيمنة في القرآن تلخّصها قصة آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون "وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" (التحريم الآية11).
مقاومة الإستعباد في الإسلام تلخّصها قصّة بلال الحبشي وعمّار بن ياسر وزوجته سمية.
علّمنا ربّنا كيف نقاوم الهيمنة ونصارع الإستكبار ووعدنا بالنصر، وعلّمنا إسلامنا كيف نكسر الأصنام ولا نرضى بالهوان، كيف نناضل من اجل حرية معتقداتنا، وحرية أفكارنا، من أجل الحياة الكريمة، علّمنا رسولنا كيف لا نركع للأصنام ولا نسجد لغير الله. هذا هو ديننا الذي نعتزّ بالإنتماء إليه ونفتخر باتباعنا لرسله وأنبياءه. علّمنا أبونا إبراهيم عليه السلام كيف نحطّم الأصنام ولا نعبد الشمس ولا القمر لأنهما آفلان.

القرآن الكريم ليس مجرّد كتاب للتبرّك أو للتعبّد أو للتلاوة المرنّمة أو للرقية والتحصين، وليس مجرّد نصوصا تحمل أحكام البتر والقطع والرجم والجلد.هو كتاب يحوي معاني عظيمة ودروس جليلة هومقاربة ربّانية القصد منها تعليم الإنسان طريقة ممارسة الإستخلاف وتحقيق الأسماء التي علّمها الله لآدم وبها تميّز على جميع المخلوقات حتّى الملئكة التي تسبّح بحمد الله بالليل والنهار.
أسماء الله الحسنى 99 إسما وأوّلها العدل والحقّ والكرم والرحمة والسلام والمغفرة.. فهل نحن كادحون نحو الله؟ أم نحن مجرّد عبيد لفراعنة جدد؟